﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ﴾.
والسورتان مكيتان، ففيهما تقرير لما هو من أصول الدعوة الإسلامية.
* * *
والصبر في العربية نقيض الجزع.
ومن استعماله في الحسيات: عصارة شجر مر، واللبن إذا اشتدت حموضته إلى المرارة، والحجارة الغليطة المجتمعة.
وبملحظ من الشجة والمرارة، قيل للحرب الشديدة وللداهية: أم صبور. والصبارة شدة البرد.
والبر الحبس، والقتل صبراًُ أن يحبس المرء ويرمى حتى يموت.
ثم كثر استعماله في الصبر على الشدائد والمكاره. والصبور الحليم الذي لا يعاجل العصاه بالنقمة، بل يضبط أمره فيعفو أو يمهل.
ولم يذكر القرآن الكريم في آيتى العصر والبلد متعلق الصبر الذي يتواصى به المؤمنون، وقد فسره الإمام الطبري بالصبر على العمل بطاعة الله. وقال الومخشري في الكشاف: هو الصبر عن المعاصي وعلى الطاعات وعلى ما يبلو به الله عباده. وقريب منه ما جاء في البحر المحيط لأبي حيان. وفصله الفخر الرازي فقال فيما قال:
"إن التواصي بالصبر يدخل فيه حمل النفس على مشقة التكليف في القيام بما يجب وفي اجتناب ما يحرم. إذ الإقدام على المكروه والإحجام عن المراد كلاهما شاق شديد.... ودلت الآية على أن الحق ثقيل، وأن المحن تلازمه، فلذلك قرن به التواصي بالصبر".
وكلها اقوال متقاربة مقبولة، ولا يكاد يخرج عنها ما في تفسير الشيخ محمد عبده لسورة العصر.
* * *
ونستقرئ آيات الصبر في القرآن، فنجد الأمر الإلهي للمصطفى بالصبر، في نحو