٢- ما رواه مسلم في صحيحه عن حذيفة رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بالبقرة، ثم النساء ثم بآل عمران في ركعة١. قال عياض: هو دليل لكون ترتيب السور وقع باجتهاد الصحابة حين كتبوا المصحف٢.
القول الثالث: أن ترتيب بعض السور كان توقيفيًّا وبعضها كان باجتهاد الصحابة:
قال الزركشي: مال ابن عطية إلى أن كثيرًا من السور كان قد علم ترتيبها في حياته -صلى الله عليه وسلم- كالسبع الطوال والحواميم والمفصل وأن ما سوى ذلك يمكن أن يكون قد فوض الأمر فيه إلى الأمة بعده، وقال أبو جعفر بن الزبير الآثار تشهد بأكثر مما نص عليه ابن عطية ويبقى منها قليل يمكن أن يجري فيه الخلاف٣.
مناقشة الأدلة:
١- استدل القائلون بالتوقيف في ترتيب السور بإجماع الصحابة على ترتيب عثمان -رضي الله عنه- وهذا لا يدل على ما ذهبوا إليه، لأن إجماعهم على ترتيب عثمان لا يشترط له أن يستند إلى التوقيف عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقد وافقوا عثمان على هذا الترتيب توحيدًا لكلمة الأمة وقطعا لأسباب الاختلاف كما وافقوا على الاقتصار على حرف واحد.
أما استدلالهم بحديث حذيفة فإن ذكر العدد لا يلزم منه ترتيب السور، بل قال ابن حجر نفسه الذي استدل بهذا الحديث "ويحتمل أن الذي كان مرتبا حينئذ حزب المفصل خاصة بخلاف ما عداه"٤.

١ صحيح مسلم، ج١ ص٥٣٦، ٥٣٧.
٢ إجمال البيان: عبد الله بن أحمد، ص١٢٨.
٣ البرهان: الزركشي، ج١ ص٢٥٧، ٢٥٨، وانظر: الإتقان: السيوطي ج١ ص٦٢.
٤ الإتقان: السيوطي، ج١ ص٦٣.


الصفحة التالية
Icon