ومن أمثلة ما عرف أنه مكي أو مدني عن طريق الصحابة رضي الله عنه قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ١.
فقد أخرج البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما أنها نزلت لما أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومن المعلوم أن عمر قد أسلم في مكة فالآية إذًا مكية، وسورة الحج روى مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنها مكية٢.
ومنها ما رواه مسلم عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: أَلِمَن قتل مؤمنا متعمدا من توبة؟ قال: لا. قال: فتلوت عليه هذه الآية التي في الفرقان: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ﴾ ٣ إلى آخر الآية. قال: هذه آية مكية نسختها آية مدنية: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾ ٤، ٥.
ومنها حديث عائشة رضي الله عنها وفيه: "لقد نزل بمكة على محمد -صلى الله عليه وسلم- وإني لجارية ألعب: ﴿بَلْ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾ ٦ وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده"٧.
٢ الإتقان: السيوطي ج١ ص١٣.
٣ سورة الفرقان: الآية ٦٨.
٤ سورة النساء: الآية ٩٣.
٥ صحيح مسلم ج٤ ص٢٣١٨.
٦ سورة القمر: الآية ٤٦.
٧ صحيح البخاري ج٦ ص١٠١.
الطريق الثاني: القياسي الاجتهادي:
نظر العلماء رحمهم الله تعالى في الآيات والسور التي عرفوا أنها مكية أو مدنية بالطريق الأول "السماعي النقلي" واستنبطوا خصائص وضوابط للسور المكية وخصائص وضوابط للسور المدنية، ثم نظروا في السور التي لم يرد نصوص في بيان مكان نزولها، فإن وجدوا فيها خصائص السور المكية قالوا إنها مكية، وإن وجدوا فيها خصائص السورة المدنية قالوا: إنها مدنية، وهذا يكون بالاجتهاد والقياس فسمي هذا الطريق بالقياسي الاجتهادي.
نقل الزركشي عن الجعبري قوله: "لمعرفة المكي والمدني طريقان: