وروى الواحدي عن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة عن آية من القرآن فقال: اتق الله، وقل سدادًا، ذهب الذين يعلمون فيما أنزل القرآن١. وقال الواحدي: "ولا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب"٢.
وإذا ورد سبب النزول عن صحابي فلا تخلو عبارته أن تكون جازمة وصريحة في السببية فلها حكم الحديث المرفوع. وإما أن تكون العبارة غير صريحة كأن يقول: "نزلت هذه الآية في كذا" فإنها تحتمل أن المراد بها سبب النزول وتحتمل أن هذا داخل في الآية وإن لم يكن السبب، بل يراد بيان حكم من الأحكام الواردة في الآية.
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: "وقد تنازع العلماء في قول الصاحب: "نزلت هذا الآية في كذا" هل يجري مجرى المسند، كما لو ذكر السبب الذي أنزلت لأجله أو يجري مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند؟ فالبخاري يدخله في المسند، وغيره لا يدخله في المسند، وأكثر المسانيد على هذا الاصطلاح كمسند أحمد وغيره وبخلاف ما إذا ذكر سببا نزلت عقبه، فإنهم كلهم يدخلون مثل هذا في المسند"٣.
وإذا ورد سبب النزول عن تابعي فيشترط لقبوله أربعة شروط:
١- أن تكون عبارته صريحة في السببية: بأن يقول: "سبب نزول هذه الآية كذا" أو أن يأتي بفاء تعقيبية داخلة على مادة النزول بعد ذكر حادثة أو سؤال، كأن يقول حدث كذا وكذا أو سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن كذا فأنزل الله تعالى هذه الآية أو فنزلت هذه الآية.
٢ المرجع السابق ص٤.
٣ مقدمة في أصول التفسير: ابن تيمية تحقيق د. عدنان زرزور ص٤٨، وانظر الإتقان للسيوطي ج١ ص٣١.