﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ إلى قوله: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا﴾.
فجعل لمن قذف امرأة من المؤمنين التوبة ولم يجعل لمن قذف امرأة من أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- توبة١.
والخلاصة أن الثانية خصصت عموم الآية الأولى إلا سبب النزول فلا تخصصه لأن دخوله قطعي وتخصيصها ظني.
٦- تخصيص الحكم بالسبب عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ.
ومثال قوله تعالى: ﴿لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ ٢.
فقد أشكل عموم هذه الآية على مروان بن الحكم فقال لبوابه: اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقال: لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي، وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا، لنعذبن أجمعين فقال ابن عباس: وما لكم ولهذا إنما دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- يهود فسألهم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره فأروه أن قد استحمدوا إليه ما أخبروه عنه فيما سألهم وفرحوا بما أوتوا من كتمانهم ثم قرأ ابن عباس: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ ٣. كذلك حتى قوله: ﴿يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا﴾ ٤، ٥.
٧- ومن فوائد معرفة سبب النزول كشف وجه من وجوه بلاغة القرآن الكريم حيث مراعاة الكلام لمقتضى الحال وذلك بالمطابقة والمقارنة بين الحادثة والنص القرآني الذي نزل فيها.

١ مجمع الزوائد: الهيثمي، ج٧ ص٧٩، ٨٠.
٢ سورة آل عمران: الآية ١٨٨.
٣ سورة آل عمران: الآية ١٨٧.
٣ سورة آل عمران: الآية ١٨٨.
٤، ٥ صحيح البخاري ج٥ ص١٧٤، ومسلم ج٤ ص٢١٤٣.


الصفحة التالية
Icon