من الإسلام إلا خشية الملامة من قومه والمسبة فهو يقول:

فوالله لولا أن أجيء بسبة تجر على أشياخنا في المحافل
لكنا اتبعناه على كل حالة من الدهر جدا غير قول التهازل
لقد علموا أن ابننا لا مكذب لدينا ولا يعنى بقول الأباطل
إلى أن قال:
فأيده رب العباد بنصره وأظهره دينا حقه غير باطل١
وقال أيضًا:
ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة لوجدتني سمحًا بذاك مبينًا
كما حكى القرآن الكريم اعتراف الكفار بسلامة القرآن وإعجازه، واعترافهم أن المانع لإسلامهم واقتناعهم ليس الضعف في حجج القرآن وبراهينه، وإنما هو الحسد أن ينزل هذا القرآن على محمد: ﴿وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ ٢.
ويظهر هذا في قول الوليد بن المغيرة حين قال: "أينزل على محمد وأترك وأنا كبير قريش وسيدها"٣.
وبلغ عنادهم أقصاه حين أعلنوا رفضهم لقبوله حتى وإن كان حقا حين قالوا: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاءِ أَوْ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ ٤.
ولعل في هذا دليلًا ظاهرًا على أن المانع من إيمان أولئك كان العناد.
١ سيرة ابن هشام ج١ ص٢٩٩.
٢ سورة الزخرف: الآية٣١.
٣ سيرة ابن هشام: ج١ ص٣٨٧.
٤ سورة الأنفال: الآية٣٢.


الصفحة التالية
Icon