أن الإنسان بعقله أصبح يعرف الحق من الباطل فليس هو بحاجة إلى من يخبره بذلك، لا يصح هذا لأن الروح لا تزال بحاجة إلى غذائها العلوي ما بقيت في الجسد كما أن الجسد لا يزال بحاجة إلى غذائه السلفي ما بقيت فيه روح.
وإن من رحمة الله تعالى بعباده أن أنزل جبريل عليه السلام بغذاء الأرواح إلى الأنبياء عليهم السلام كما خلق لهذه الأجساد غذاءها، ولا ينكر هذه الحاجة إلا مكابر معاند أو جاهل أحمق.
فالوحي من الله رحمة بعباده لتتغذى به الأرواح، وخلق الطعام رحمة من الله بعباده لتتغذى به الأجساد، وببقاء العنصرين يبقى الإنسان وبفقد أحدهما يهلك.
والقرآن وحي: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ ١، وسنة الرسول ﷺ وحي: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ ٢.

١ سورة الشورى: الآية ٦.
٢ سورة النجم: من الآية ٣، ٤.

تعريف الوحي:
الوحي لغة:
أصل الوحي في اللغة إعلام في خفاء١، وقال الحرَّالي: هو إلقاء المعنى في النفس في خفاء١ قال الأزهري: وكذلك الإشارة والإيماء يسمى وحيًا والكتابة تسمى وحيًا١ وقال الراغب الأصفهاني: أصل الوحي الإشارة السريعة ولتضمن السرعة قيل: أمر وحي، وذلك يكون بالكلام على سبيل الرمز والتعريض، وقد يكون بصوت مجرد عن التركيب وبإشارة ببعض الجوارح، وبالكتابة٢ وقال الزبيدي: أوحى إليه: كلمه
١ تاج العروس: الزبيدي ج١٠ ص٣٨٥ مادة: "وحي".
٢ المفردات في غريب القرآن: الراغب الأصفهاني ص٥٣٦ مادة: "وحي".


الصفحة التالية
Icon