والوحي بجميع أنواعه بالمعنى الشرعي يصحبه علم يقيني ضروري من النبي بأن ما ألقي إليه حق من عند الله ليس من خطرات النفس ولا وسوسة الشياطين، وهذا العلم اليقيني لا يحتاج إلى مقدمات وإنما هو من قبيل إدراك الأمور الوجدانية كالجوع والعطش١.
وقد ذُكرت هذه الأقسام الأربعة في قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ ٢ وقال الإمام البغوي رحمه الله تعالى في تفسيرها: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا﴾ يوحي إليه في المنام أو بالإلهام: ﴿أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ يُسمعه كلامه ولا يراه كما كلم موسى عليه السلام: ﴿أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا﴾ إما جبريل أو غيره من الملائكة٣.

١ المدخل لدراسة القرآن الكريم: د. محمد محمد أبو شهبة ص٨٧.
٢ سورة الشورى: الآية ٥١.
٣ معالم التنزيل: البغوي ج٤ ص١٣٢، وانظر تفسير الطبري ج٢٥ ص٤٥، وابن كثير ج٤ ص١٢٨.

كيفية وحي الله سبحانه وتعالى إلى الملائكة عليهم السلام:
ورد ذكر إيحاء الله سبحانه وتعالى إلى الملائكة في قوله تعالى: ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ١ وقال سبحانه: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ ٢ وغير ذلك.
وقد ورد وصف وحي الله إلى الملائكة في السُّنة النبوية في أحاديث كثيرة منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا لقوله، كأنه سلسلة على صفوان، فـ ﴿إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا﴾ للذي قال: ﴿الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ "... الحديث٣.
١ سورة الأنفال: الآية ١٢.
٢ سورة البقرة: الآية ٣٠.
٣ رواه البخاري: في تفسير سورة سبأ ج٦ ص٢٨.


الصفحة التالية
Icon