وقال الحليمي في المنهاج: "أن جبريل كان ينزل منه من اللوح المحفوظ في ليلة القدر إلى السماء الدنيا قدر ما ينزل به على النبي -صلى الله عليه وسلم- في تلك السنة إلى ليلة القدر التي تليها إلى أن أنزله كله في عشرين ليلة من عشرين سنة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا"١.

١ فتح الباري: ابن حجر، ج٨ ص٦٢٠.

القول الرابع:
ما رواه الماوردي١ وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس -رضي الله عنهما٢- أنه قال: نزل القرآن في رمضان وفي ليلة القدر في ليلة مباركة جملة واحدة من عند الله تعالى في اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا فنجمته السفرة على جبريل في عشرين ليلة، ونجمه جبريل على النبي -صلى الله عليه وسلم- في عشرين سنة، وكان ينزل على مواقع النجوم أرسالًا في الشهور والأيام".
وقد استغرب بعض العلماء هذا القول وأنكره، فقال ابن حجر رحمه الله تعالى: "وحكى الماوردي في تفسير ليلة القدر أنه نزل من اللوح المحفوظ جملة واحدة، وأن الحفظة نجمته على جبريل في عشرين ليلة، وأن جبريل نجمه على النبي -صلى الله عليه وسلم- في عشرين سنة، وهذا أيضًا غريب"٣ بل احتد ابن العربي -رحمه الله تعالى- فقال: "ومن جهالة المفسرين أنهم قالوا: إن السفرة ألقته إلى جبريل في عشرين ليلة وألقاه جبريل إلى محمد عليهما السلام في عشرين سنة. وهذا باطل، ليس بين جبريل وبين الله واسطة، ولا بين جبريل ومحمد صلى الله عليهما واسطة"٤.
وأما أبو شامة المقدسي فقد وصف ما حكاه الماوردي بقوله: "وكأنه قول ثالث غير القولين المقدمين أو أراد الجمع بينهما فإن قوله: نزل جملة
١ النكت والعيون: الماوردي، ج٦ ص٣١١.
٢ الإتقان: السيوطي: ج١ ص٥٤.
٣ فتح الباري: ابن حجر ج٨ ص٦٢٠، ٦٢١.
٤ أحكام القرآن: ابن العربي ج٤ ص١٩٤٩، ١٩٥٠.


الصفحة التالية
Icon