الجمع بين هذه الأقوال الثلاثة:
ومن ينظر إلى هذه الأقوال الثلاثة ويتدبرها يجد أنها بمثابة قول واحد؛ ذلك:
١- أن هذه الآيات آيات متتابعة في سورة البقرة من الآية ٢٧٨ إلى الآية ٢٨٢ فالقول فيها بمثابة قول واحد فكل راو يذكر بعض آخر ما نزل.
٢- أن ابن عباس -رضي الله عنهما- روى عنه القول بأن آخر ما نزل آية ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا﴾ وروي عنه القول بأن آخر ما نزل آية الربا. والجمع بين القولين أولى من إبطال أحدهما.
٣- أن البخاري -رحمه الله تعالى- أورد بدقته وثاقب نظره قول ابن عباس آخر آية نزلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- آية الربا "في باب قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ﴾ فجعل بهذه الإشارة الموضوع واحدا والروايتين متحدتين غير متعارضتين رحمه الله١.
ولهذا قال ابن حجر: "وطريق الجمع بين هذين القولين أن هذه الآية يعني: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا﴾ هي ختام الآيات المنزلة في الربا إذ هي معطوفة عليهن"٢.
وقد جمع بينهما السيوطي فقال: "قلت: ولا منافاة عندي بين هذه الروايات في آية الربا -واتقوا يومًا- وآية الدين - لأن الظاهر أنها نزلت دفعة واحدة كترتيبها في المصحف، ولأنها في قصة واحدة، فأخبر كل عن بعض ما نزل بأنه آخر وذلك صحيح"٣.
وبهذا يظهر أن هذه الأقوال الثلاثة قول واحد وهو القول الصحيح.
٢ فتح الباري: ابن حجر ج٨ ص٥٣.
٣ الإتقان: السيوطي ج١ ص٣٦.