أعلم"١ وقد عد السيوطي -رحمه الله تعالى- هذا القول من غريب ما ورد في ذلك٢.
"قلت": ولعل ابن كثير -رحمه الله تعالى- سها عن أن هذه الآية مما لا يدخله النسخ؛ لأنها أمرٌ بالعمل الصالح ونهي عن الشرك، ومثل هذا لا يمكن أن يدخله نسخ، فلا يصح أن يحمل قصد معاوية -رضي الله عنه- على أنها لم تنسخ بل يحمل على أنه أراد أنها آخر آية في سورة الكهف كما مر بنا في آخر سورة التوبة، والله أعلم.
هذه هي أهم الأقوال الواردة في آخر ما نزل من القرآن، وهناك أقوال أخرى يوردها كثير من المهتمين في هذا المبحث مع أنها لا تدخل هنا وإنما في مبحث أوائل وأواخر مخصوصة.

١ تفسير ابن كثير ج٣ ص١٢٢.
٢ الإتقان: السيوطي ج١ ص٣٧.

إشكال ودفعه:
قد يشكل فهم قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا﴾ ١.
فإن لم تكن هذه الآية هي آخر ما نزل بل نزل بعدها آيات، فكيف يقول اليوم أكملت لكم دينكم؟
والجواب: أن هذه الآية نزلت على الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو يخطب في يوم عرفة في حجة الوداع في السنة العاشرة وبالتحديد ظهر يوم الجمعة ٩/ ١٢/ ١٠هـ وإذا كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- توفي يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول سنة ١١هـ فتكون هذه الآية قد نزلت قبل وفاته ﷺ بنحو واحد وثمانين يومًا وقد مر بنا أن قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى
١ سورة المائدة: الآية ٣.


الصفحة التالية
Icon