ثانيًا: أول ما نزل وآخر ما نزل في تحريم الربا:
وذلك أن تحريم الربا أيضًا مر بمراحل أربع كالمراحل التي مر بها تحريم الخمر وهي:
المرحلة الأولى:
أول ما نزل في الربا قوله تعالى: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾ ١.
وليس في هذه الآية نص على تحريم الربا وإنما إشارة إلى أن الله يمحق الربا فلا ينمو ولا يبارك الله فيه بخلاف الزكاة التي يراد بها وجه الله فإنه سبحانه يضاعف الثواب لصاحبه.
وهي مرحلة شبيهة تمامًا بالمرحلة الأولى في تحريم الخمر حيث بين هناك أن السكر ليس بالرزق الحسن.
المرحلة الثانية:
قوله تعالى: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا، وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ ٢.
وكما بين في المرحلة الثانية من تحريم الخمر أن فيه إثمًا وفيه منافع وأن الإثم أكبر من النفع فإنه هنا في المرحلة الثانية من تحريم الربا أشار إلى أن من معاصي اليهود أكلهم الربا وقد نهوا عنه، وفي ذلك إشارة إلى أنه إذا كان أكل الربا والتعامل به محرمًا على اليهود فأولى أن يكون كذلك بين المسلمين وهم خير أمة أخرجت للناس وهو تحريم بالتلويح والتعريض لا بالنص الصريح٣ وفي هذا توطئة للنص على التحريم في المرحلة التالية.
المرحلة الثالثة:
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا
٢ سورة النساء: الآية ١٦١.
٣ منهج القرآن الكريم في تقرير الأحكام: مصطفى الباجقني ص٢٧٦.