ولا يلزم أن يكون التحدي بلسان المقال كما فهمه بعض المعاصرين، وإنما يكون بلسان المقال وبلسان الحال؛ إذ المقام مقام صراع، وعناد، واحتجاج يغني فيه الحال عن المقال في بعض المقام.
٦- أن يستدل بها النبي على صدقه في رسالته:
إذ الغرض من إظهارها إثبات أمرين: أولهما أنه صادق في دعوى الرسالة. ثانيهما: أنه مرسل من الله لا من غيره، فينبغي أن يكون إظهارها لإثبات ذلك لا لغيره دونهما.
٧- أن يكون ظهور المعجزة أو المعجزات بعد دعوى الرسالة:
حتى يصح الاستشهاد بها، أما إذا تقدم وقوع الأمر الخارق على دعوى الرسالة فإنه لا يسمى معجزة وإنما يسمى "إرهاص" كتظليل السحابة للرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو في سفره إلى الشام قبل البعثة.
جواز وقوع المعجزة:
لا يشك مؤمن بأن الله سبحانه وتعالى هو خالق هذا الكون كله صغيره وكبيره ومدبر شئونه، وموجد نظامه، والذي يوجد الشيء من العدم أقدر على تغيير سنة من سننه أو نظام من أنظمته بل أقدر على إعادة خلقه: ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ، قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾ ١.
فالذي جعل النار حارة في قدرته أن يجعلها باردة، والذي خلق القمر قادر على أن يقسمه إلى نصفين، والذي خلق في السم خاصية قادر على سلبها منه، والذي خلق الثعبان من العدم قادر على خلقه من العصا، وهكذا في بقية المعجزات. ومن ينكر هذا فقد أساء الظن بربه وقدرته واعتقد ربوبية إله عاجز عياذًا بالله تعالى.

١ سورة يس: الآيتين ٧٨، ٧٩.


الصفحة التالية
Icon