٢- ومعنى به قائم.
٣- ورباط لهما ناظم.
وإذا تأملت القرآن وجدت هذه الأمور منه في غاية الشرف والفضيلة حتى لا ترى شيئًا من الألفاظ أفصح ولا أجزل ولا أعذب من ألفاظه، ولا ترى نظمًا أحسن تأليفًا وأشد تلاؤمًا وتشاكلًا من نظمه، وأما المعاني فلا خفاء على ذي عقل أنها هي التي تشهد لها العقول بالتقدم في أبوابها، والترقي إلى أعلى درجات الفضل من نعوتها وصفاتها.
وقد توجد هذه الفضائل الثلاث على التفرقة في أنواع الكلام، فأما أن توجد مجموعة في نوع واحد منه فلم توجد إلا في كلام العليم القدير الذي أحاط بكل شيء علمًا، وأحصى كل شيء عددًا".
ثم ذكر بعض ما احتوى عليه القرآن من أحكام التوحيد والعبادة والتحليل والتحريم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأمر بمحاسن الأخلاق والزجر عن مساوئها، ثم قال: "ومعلوم أن الإتيان بمثل هذه الأمور والجمع بين شتاتها حتى تنتظم وتتسق أمر تعجز عنه قوى البشر، ولا تبلغه قُدَرُهم، فانقطع الخلق دونه وعجزوا عن معارضته بمثله أو مناقضته في شكله"١.
الرابع: أن وجه الإعجاز هو بلاغته:
التي فاقت ما عرفته العرب من صور البلاغة وعجزوا عن الإتيان بمثلها، وقال بهذا القول عدد من أئمة البلاغة والبيان كالعسكري٢ وحازم القرطاجني٣ والسكاكي الذي ذكر أربعة أقوال لوجه الإعجاز في القرآن فردها كلها ثم قال: "فهذه أقوال أربعة يخمسها ما يجده أصحاب الذوق من

١ بيان إعجاز القرآن: الخطابي ص٢٤، ٢٥.
٢ فكرة إعجاز القرآن: نعيم الحمصي ص٦٥.
٣ الإتقان: السيوطي ج٢ ص١٥٢.


الصفحة التالية
Icon