٣- إقناع العقل وإمتاع العاطفة:
وفي كل إنسان قوتان:
أ- قوة تفكير.
ب- قوة عاطفة ووجدان.
والقوة الأولى تغوص باحثة عن الحقائق المستترة والمعاني الباطنة، وأما الثانية فتطفو تبحث عن الجمال الظاهر في القشرة البادية. والنفس الإنسانية إما أن تغوص مع تلك أو تطفو مع هذه، ولا تستطيع أن تغوص وتطفو في آن واحد أو لحظة واحدة.
وحين تظهر "قوة الوجدان" تضعف "قوة التفكير" فلا يتقن عقله فكرًا فإن وفى المتكلم بحق العقل بخس حق العاطفة وإن وفى بحق العاطفة بخس حق العقل، فإما أن يأتي بكلام علمي مجرد يرضي به عقله أو بكلام أدبي منمق يرضي به عاطفته، حتى بات الناس يقسمون الأساليب إلى نوعين لا ثالث لهما:
أ- أسلوب علمي.
ب- أسلوب أدبي.
وقسمت الدراسة في عصورنا هذه إلى علمية أو أدبية؛ فلا تطمع من إنسان في أن يهب لك هاتين الطلبتين على سواء وهو لم يجمعهما في نفسه على سواء وما كلام المتكلم إلا نتاج قوته إما قوة التفكير وإما قوة الوجدان وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه.
حاشا القرآن الكريم الذي جمع "قوة الحقيقة البرهانية" "وقوة المتعة الوجدانية" تدبروا في آيات القرآن الكريم فسترون أنها في معمعة البراهين والأحكام لا تنسى نصيب القلب والوجدان؛ ذلك أنها كلام الله رب العالمين الذي لا يشغله شأن عن شأن.


الصفحة التالية
Icon