سبب الاختلاف في معرفة المتشابه
مدخل
...
سبب الاختلاف في معرفة المتشابه:
ويرجع بعض الباحثين السبب في الاختلاف في معرفة المتشابه إلى الاختلاف في الوقف في قوله تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ ١ وهذا ليس بصحيح؛ إذ إن الوقف أو الوصل مبني على الاختلاف في معنى التأويل. فسبب الاختلاف إذًا في معرفة المتشابه هو الاختلاف في المراد بالتأويل في قوله سبحانه: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّه﴾، وفيه ثلاثة أقوال:

١ سورة آل عمران: الآية ٧.

القول الأول أن التأويل بمعنى التفسير
...
الأول: أن التأويل بمعنى التفسير:
وعلى هذا فالتأويل يعلمه الراسخون في العلم. ومنه دعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس رضي الله عنهما: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل" ١ وقول ابن عباس رضي الله عنهما: "أنا ممن يعلم تأويله"٢ وقول مجاهد: "الراسخون في العلم يعلمون تأويله"٣ وقول ابن جرير الطبري: "واختلف أهل التأويل في هذه الآية" وقوله: "القول في تأويل قوله تعالى... " وهو أيضًا المعنى الذي قصده ابن قتيبة وأمثاله ممن يقول: إن الراسخون في العلم يعلمون التأويل ومرادهم به التفسير٤.
وهو قول متقدمي المفسرين وابن عباس -رضي الله عنهما- ومجاهد، ومحمد بن جعفر بن الزبير، وابن إسحاق، وابن قتيبة، والربيع بن أنس، والضحاك، والنووي، وابن الحاجب٥.
وعليه فإن الوقف يكون على قوله: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم﴾ وتبعهم كثير من المفسرين وأهل الأصول، وقالوا: الخطاب بما لا يفهم بعيد٦.
١ رواه الإمام أحمد في مسنده ج١ ص٢٦٦، والطبراني في المعجم الكبير ١٠٦١٤ و ١٢٥٠٦.
٢ أخرجه الطبري في تفسيره ج٦ ص٢٠٣ رقم ٦٦٣٢.
٣ تفسير مجاهد ج١ ص١٢٢.
٤ درء تعارض العقل والنقل: ابن تيمية ج٥ ص٣٨١، ٣٨٢.
٥ انظر درء تعارض العقل والنقل: ابن تيمية ج١ ص٢٠٥، والقطع والاستئناف: النحاس، ص٢١٥، والإتقان: السيوطي ج٢ ص٤.
٦ تفسير ابن كثير ج٢ ص١١.


الصفحة التالية
Icon