مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} ١.
والحكم في الآيتين واحد وهو "التحريم"، والسبب واحد، فاتحد الحكم والسبب، فيحتمل المطلق على المقيد باتفاق لأن العمل بالمقيد عمل بالآيتين والعمل بالمطلق عمل بإحدى الآيتين دون الأخرى، والعمل بهما أولى من العمل بإحداهما، وبالعمل بالآيتين يخرج بالمكلف من العهدة بيقين٢.
وكقوله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ ٣ فإنه مطلق وورد القيد في قوله تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ ٤ فنصيبه هنا مقيد بأن يكون بعد الوصية والدين فيحمل المطلق على المقيد في جميع المواريث فلا يوزع شيء من التركة على الورثة إلا بعد الوصية والدين.

١ سورة الأنعام: الآية ١٤٥.
٢ إرشاد الفحول: الشوكاني ج٢، ص٦ من تعليق المحقق.
٣ سورة النساء: الآية ١١.
٤ سورة النساء: الآية ١١.

الصورة الثانية: أن يختلف السبب والحكم
فإذا اختلف السبب والحكم فلا يحمل المطلق على المقيد باتفاق فقوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ ١ مطلق في الأيدي من غير تقييد لأي اليدين أو إلى أي حد يكون القطع، أما غسل الأيدي في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ ٢ فمقيد إلى المرافق ولا يصح هنا حمل المطلق على المقيد لاختلاف السبب "سرقة في المطلق" و "وضوء في المقيد" ولاختلاف الحكم "قطع في المطلق" و "غسل في المقيد" فلا يحمل المطلق على المقيد باتفاق كما قال
الشوكاني وحكاه الباقلاني والجويني وإلكيا الهراس وابن برهان والآمدي وغيرهم٣.
١ سورة المائدة: الآية ٣٨.
٢ سورة المائدة: الآية ٦.
٣ إرشاد الفحول: الشوكاني ج٢ ص٩.


الصفحة التالية
Icon