٤- أن الله تعهد بحفظه:
قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ ١ وقد مرت بالقرآن أحداث عظيمة وأهوال جسيمة وعوامل خطيرة وتكالب عليه الأعداء وتداعت عليه الأمم ولو مر بعض ذلك على غير القرآن لأصابه ما أصاب الكتب السابقة من التحريف والتغيير والتبديل. أما القرآن فقد مر بهذه الأحوال المتماوجة والدواعي المتكالبة، ولم تنل منه بغيتها بل وصل إلينا كما أنزله الله لم يتبدل ولم يتغير ما طالته الأفواه النافخة، ولا نالته الأصوات اللاغية. ليتم الله نوره ولو كره الكافرون.
وقد كانت هذه الآية بالنسبة للصحابة -رضي الله عنهم خبرا- ولكنها الآن خبر ومعجزة، معجزة أن مر خمسة عشر قرنًا ولم يقع ما يخالفها، وخبر بأن الحفظ مستمر إلى يوم القيامة.
أما الكتب السابقة فلم يتعهد الله بحفظها بل أوكل أمر حفظها إلى أهلها فقال تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ﴾ ٢.
وخصائص القرآن العامة كثيرة ومنها إجمالا: معارفه، إعجازه، أنه لا ينسب إلا إلى الله، والجمع بين البسملة والاستعاذة عند تلاوته، وحرمة تفسيره بمجرد الرأي، وتيسر حفظه وتلاوته، وأن قارئه لا يمله، وتحريم روايته بالمعنى، وأنه يتفلت من حافظه، ورسمه، وهيمنته على الكتب السابقة، والأحرف المقطعة في أوائل السور وغير ذلك٣.
٢ سورة المائدة: الآية ٤٤.
٣ اقتبست هذا المبحث من كتابي "خصائص القرآن الكريم".