شيئًا من القرآن مما جعله يحرك لسانه بالقرآن لحظة نزول الوحي مع شدة وطأة الوحي وما يعانيه من الجهد والكرب عند نزوله، وما زال ﷺ كذلك حتى نزل عليه قوله تعالى: ﴿لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ، إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ ١. وقال سبحانه: ﴿وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ﴾ ٢. فكان ﷺ بعد هذا إذا أتاه الوحي أطرق فإذا ذهب جبريل وجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- القرآن مجموعًا في صدره كما وعده الله.
وقد حفظ الرسول -صلى الله عليه وسلم- القرآن كله وحفظه أصحابه، وكان جبريل يعارضه إياه في كل عام مرة في شهر رمضان، وعارضه إياه في العام الذي توفي فيه مرتين كما في حديث عائشة رضي الله عنها عن رسول الله ﷺ أنه قال: "إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة وإنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي" ٣ وكان ﷺ يقوم بالقرآن ويتلوه آناء الليل وأطراف النهار حتى كادت أن تتشقق قدماه.

١ سورة القيامة: الآيات ١٦، ١٩.
٢ سورة طه: الآية ١١٤.
٣ رواه البخاري ج٤ ص١٨٣.

حفظ الصحابة رضي الله عنهم لللقرآن الكريم
...
٥- حفظ الصحابة رضي الله عنهم للقرآن الكريم:
اشتد التنافس بين الصحابة -رضي الله عنهم- في حفظ القرآن الكريم وتلاوته وتدبره، وتسابقوا إلى مدارسته وتفسيره والعمل به، وكانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، وكانوا يهجرون لذيذ المنام ودفء الفراش ويؤثرون قيام الليل والتهجد بالقرآن حتى كان يسمع لبيوتهم دويًّا كدوي النحل لتلاوتهم القرآن.
وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحثهم على ذلك ويحرص على سماع تلاوتهم، فقد قال لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه: "لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك


الصفحة التالية
Icon