٤- بلاغة القرآن التي ملكت الأفئدة، وقد كانوا يتذوقون الكلام ويحفظون أجوده فلا عجب أن يقبلوا على حفظ القرآن.
٥- النصوص الكثيرة الواردة في الحث على حفظ القرآن والترهيب من نسيانه وهجره.
٦- تشريع قراءة القرآن في الصلاة والقيام به في الليل وهم أهل صلاة وقيام وغير ذلك من العوامل١ التي دفعتهم لحفظ القرآن حتى حفظه عدد كبير كما أشرنا ويكفي أنه قتل في بئر معونة نحو سبعين من حفاظ القرآن وقتل في معركة اليمامة مثلهم؛ مما يدل على كثرة حفاظ القرآن الكريم في عهد الصحابة -رضي الله عنهم- وأرضاهم وعلى تنافسهم في حفظ القرآن وتحفيظه وتعلمه وتعليمه.

١ انظر مناهل العرفان: الزرقاني ج١ ص٢٨٤، ٣٣١.

٦- حفظ التابعين ومن بعدهم -رحمهم الله تعالى- للقرآن الكريم:
مر بنا أن الصحابة -رضي الله عنهم- انتشروا في الآفاق الإسلامية والبلدان المفتوحة يعلمون الناس أمور دينهم ويعقدون حلق التعليم والتدريس في مساجد تلك البلدان، وأقبل عليهم كثير من الناس يتحلقون حولهم، ويتلقون العلم منهم وصار لبعض هذه المدارس شهرة كبيرة حملت كثيرًا من التابعين على الرحلة إليها وتلقي العلم من أهلها كمدرسة ابن مسعود -رضي الله عنه- في الكوفة ومدرسة أبي بن كعب -رضي الله عنه- في المدينة ومدرسة ابن عباس -رضي الله عنهما- في مكة وغيرها من مدارس الصحابة رضي الله عنهم.
وكان الصحابة يعلمونهم القرآن الكريم ويحفظونهم إياه ويفسرون لهم معانيه ويبينون لهم أحكامه، وقد أقبل التابعون على هذه المدارس فكثر حفاظ القرآن الكريم ولم يقتصروا على تلاوته بل حفظوا أوجه قراءته واشتهر عدد كبير من الحفاظ بالقراءة والرواية.
وتجرد بعض التابعين -رحمهم الله تعالى- للعناية بضبط القراءات وإتقانها ووضع القواعد لها والأصول حتى صاروا أئمة يقتدى بهم.


الصفحة التالية
Icon