ولو جمع القرآن في مصحف واحد حينئذاك لكان عرضة للتغيير كلما نزل شيء من القرآن١.
ولم يكن الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- إذا اختلفوا في شيء من القرآن يرجعون إلى ما هو مكتوب بل كانوا يرجعون إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيعرضون عليه قراءتهم ويسألونه عنها.
وبعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومقتل بعض القراء من الصحابة دعت الحاجة إلى جمع القرآن في مصحف واحد، فكان ذلك في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

١ مناهل العرفان: الزرقاني ج١ ص٢٤١، ٢٤٢.

ثانيا: جمع القرآن الكريم في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه:
سببه:
بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ارتدت بعض قبائل العرب فأرسل أبو بكر -رضي الله عنه- خليفة الرسول -صلى الله عليه وسلم- الجيوش لقتال المرتدين وكان قوام هذه الجيوش هم الصحابة رضوان الله عليهم وفيهم حفاظ القرآن، وكانت حروب الردة شديدة قتل فيها عدد من القراء الذين يحفظون القرآن الكريم، فخشي بعض الصحابة أن يذهب شيء من القرآن بذهاب حفظته١ فأراد أن يجمع القرآن في مصحف واحد بمحضر من الصحابة.
وقصة ذلك رواها البخاري في صحيحه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: أرسل إلي أبو بكر -مقتل أهل اليمامة- فإذا عمر بن الخطاب عنده قال أبو بكر رضي الله عنه: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر٢ يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقرآء
١ شرح السنة: البغوي ج٤ ص٥٢١.
٢ يعني: اشتد وكثر.


الصفحة التالية
Icon