العرضة الأخيرة، وكان يقرئ الناس بها حتى مات، ولذلك اعتمده أبو بكر وعمر في جمعه، وولاه عثمان كتبة المصاحب رضي الله عنهم أجمعين"١.
٣- أنه من كتاب الوحي للرسول صلى الله عليه وسلم.
٤- خصوبة عقله، وشدة ورعه، وكمال خلقه، واستقامة دينه، وعظم أمانته ويشهد لذلك قول أبي بكر رضي الله عنه له: "إنك رجل شاب، عاقل، ولا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم" وقوله نفسه رضي الله عنه: "فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن".
منهج زيد في هذا الجمع:
من المعلوم أن زيد بن ثابت رضي الله عنه كان يحفظ القرآن كله في صدره، وكان القرآن مكتوبًا عنده ومع هذا فلم يعتمد على ما حفظه ولا على ما كتب بيده، وذلك أن عمله ليس جمع القرآن فحسب، وإنما التوثيق والتثبت فيما يكتب؛ ولهذا يقول الزركشي رحمه الله تعالى عن زيد: "وتتبعه للرجال كان للاستظهار لا لاستحداث العلم"٢ وقال ابن حجر رحمه الله تعالى: "وفائدة التتبع المبالغة في الاستظهار والوقوف عند ما كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم"٣.
وقد رسم أبو بكر -رضي الله عنه- لزيد المنهج لهذا الجمع فقال له ولعمر بن الخطاب رضي الله عنه: "اقعدوا على باب المسجد، فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه"٤، ٥.

١ شرح السنة: البغوي ج٤ ص٥٢٥، ٥٢٦، والبرهان للزركشي ج١ ص٢٣٧، والإتقان للسيوطي ج١ ص٥٠.
٢ البرهان: الزركشي ج١ ص٢٣٤.
٣ فتح الباري: ابن حجر ج٩ ص١٥.
٤ المصاحف: لابن أبي داود ص١٢، وجمال القراء ج١ ص٨٦.
٥ قال ابن حجر: "ورجاله ثقات مع انقطاعه" فتح الباري ج٩ ص١٤.


الصفحة التالية
Icon