تاركين ما عليهم نقله، بل كان الواجب عليهم من الفعل ما يؤدون به الواجب وهو أحد هذه الأحرف، فإذا حفظوه ونقلوه فقد فعلوا ما كلفوا به١.
وقد علل ابن القيم -رحمه الله تعالى- جمع الناس على حرف واحد، فأحسن حيث قال: "فلما خاف الصحابة رضي الله عنهم على الأمة أن يختلفوا في القرآن ورأوا أن جمعهم على حرف واحد أسلم وأبعد من وقوع الاختلاف فعلوا ذلك ومنعوا الناس من القراءة بغيره، وهذا كما لو كان للناس عدة طرق إلى البيت، وكان سلوكهم في تلك الطرق يوقعهم في التفرق والتشتيت ويطمع فيهم العدو، فرأى الإمام جمعهم على طريق واحد، فترك بقية الطرق جاز ذلك، ولم يكن فيه إبطال لكون تلك الطرق موصلة إلى المقصود وإن كان فيه نهي عن سلوكه لمصلحة الأمة"٢.
عدد المصاحف التي أمر عثمان رضي الله عنه بنسخها:
اختلف في عدد النسخ التي كتبها عثمان إلى خمسة أقوال:
١- قيل إنها أربع نسخ:
قال أبو عمرو الداني: "أكثر العلماء على أن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- لما كتب المصحف جعله على أربع نسخ، وبعث إلى كل ناحية من النواحي بواحدة منهن، فوجه إلى الكوفة إحداهن وإلى البصرة أخرى وإلى الشام الثالثة، وأمسك عند نفسه واحدة٣.
٢- قيل إنها خمس نسخ:
قال السيوطي: "المشهور أنها خمسة"٤.

١ انظر تفسير ابن جرير الطبري ج١ ص٦٤ وما بعدها.
٢ الطرق الحكمية في السياسة الشرعية: ابن القيم ص١٦.
٣ المقنع: لأبي عمر الداني ص٩.
٤ الإتقان: السيوطي ج١ ص٦٠.


الصفحة التالية
Icon