فقال عمر رضي الله عنه: "يا أيها الناس: عليكم بديوانكم، شِعْر الجاهلية، فإن فيه تفسير كتابكم، ومعاني كلامكم (١).
ورأْيُ أمير المؤمنين هذا: اتفق تماماً مع رأي حَبْر الأمة، عبد الله بن عباس رضي الله عنه الذي قال: (٢)
"الشعر ديوان العرب، فإذا خفى علينا الحرف من القرآن - الذي أنزله الله بلغة العرب - رجعنا إلى ديوانها، فالتمسنا معرفة ذلك منه".
ولم يكتف بذلك، بل دل الناس، على الطريق الذي يفسر لهم ما غمض من ألفاظ القرآن الكريم، حين قال (٣) :"إذا سألتموني عن غريب القرآن: فالتمسوه في الشعر، فإن الشعر ديوان العرب".
ويبدو أن هذا الرأي، كان له صدًى عند كثير من العرب، الذين يعرفون أسرار العربية، في ذلك الزمان الباكر من العصر الإسلامي.
فها هو نافع بن الأزرق (٤)، ورفيقه: نَجْدة بن عُوَيمر (٥)، قد أثارهما أن ابن عباس رضي الله عنهما كان جالساً بفناء الكعبة، وحوله الناس يسألونه عن تفسير القرآن، فقال نافع لنجدة: قُم بنا إلى هذا الذي يجترئ على تفسير القرآن بما لا علم له! فقاما إليه، فقالا: إنا نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله تعالى، فتفسرها لنا، وتأتينا بمصادقة من كلام العرب، فإن الله تعالى، إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين.
(٢) الإتقان: ٢/٥٥.
(٣) الإتقان: ٢/٥٥.
(٤) هو: نافع بن الأزرق بن قيس، الحنفي، الحروري، رأس الأزارقة الخوارج، وإليه نسبتهم، كان أمير قومه، وفقيههم (ت٦٥هـ) انظر: لسان الميزان – لابن حجر العسقلاني – تح: عادل أحمد، وآخرين: ٦/١٨٨ -نشر: دار الكتب العلمية ببيروت: ١٤١٦هـ /١٩٩٦م.
(٥) هو: نجدة بن عامر، الحروري، الحنفي، رأس الفرقة النجدية من الخوارج (ت٧٠هـ) انظر: المرجع السابق: ص ١٩٣.