بأولئك الأعيان دون غيرهم، فإن هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل على الإطلاق، والناس وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب هل يختص بسببه أم لا؟ فلم يقل أحد من علماء المسلمين: إن عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين، وإنما غاية ما يقال: إنها تختص بنوع ذلك الشخص فيعم ما يشبهه، ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ.
والآية التي لها سبب معين، إن كانت أمرا ونهيا فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته، وإن كانت خبرًا بمدح أو ذم فهي متناولة لذلك الشخص وغيره ممن كان بمنزلته أيضًا.
ومعرفة سبب النزول يعين على فهم الآية؛ فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب؛ ولهذا كان أصح قولي الفقهاء: أنه إذا لم يعرف ما نواه الحالف، رجع إلى سبب يمينه وما هيجها وأثارها.
وقولهم: نزلت هذه الآية في كذا، يراد به تارة أنه سبب النزول، ويراد به تارة أن ذلك داخل في الآية وإن لم يكن السبب، كما تقول: عني بهذه الآية كذا.
وقد تنازع العلماء في قول الصاحب [أى الصحابى] : نزلت هذه الآية في كذا، هل يجري مجرى المسند كما يذكر السبب الذي أنزلت لأجله، أو يجري مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند؟
فالبخاري يدخله في المسند وغيره لا يدخله في المسند.
وأكثر المساند على هذا الاصطلاح كمسند أحمد وغيره، بخلاف ما إذا ذكر سببا نزلت عقبة، فإنهم كلهم يدخلون مثل هذا في المسند.
وإذا عرف هذا، فقول أحدهم: نزلت في كذا، لا ينافي قول الآخر: نزلت في كذا، إذا كان اللفظ يتناولهما، كما ذكرناه في التفسير بالمثال، وإذا ذكر أحدهم لها سببا نزلت لأجله وذكر الآخر