وقد ذكر أبو شامة عن الشعبي رواية عدها قولاً رابعاً في معنى قوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ فعن داود بن أبي هند قال: قلت للشعبي قوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ أما نزل عليه القرآن في سائر السنة إلا في شهر رمضان؟! قال: بلى، ولكن جبريل كان يعارض محمداً عليهما السلام بما ينزل عليه في سائر السنة في شهر رمضان. ١
فالشعبي هنا نزّل عرضه وإحكامه في رمضان من كل سنة منزلة إنزاله فيه. وهو قول لا يعارض رأيه المشهور بأن المراد ابتداء نزول القرآن. ولذا قال أبو شامة "وإن ضم إلى ذلك كونه ابتداء نزوله في شهر رمضان ظهرت قوته"٢ -أي قوة القول ووجه ذكر شهر رمضان ظرفاً لإنزال القرآن - قال ابن حجر: (والمعتمد أن جبريل كان يعارض النبي ﷺ في رمضان بما ينزل به عليه في طوال السنة. كذا جزم به الشعبي فيما أخرجه عنه أبو عبيد وابن أبي شيبة بإسناد صحيح". ٣
أدلته: ٤
١- الواقع الفعلي لنزول القرآن الكريم على الرسول ﷺ وأنه نزل منجماً مفرقاً حسب الحوادث والوقائع على نحو من ثلاث وعشرين سنة.
٢- قوله تعالى: ﴿وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً﴾ (الإسراء: ١٠٦) ؟فصريح القرآن، وواقع نزوله يدل على تنجيمه وتفريقه.
٢ المصدر السابق (٢٤).
٣ فتح الباري (٩/٥).
٤ راجع مناقشة هذه الأدلة في مبحث الترجيح (ص٣٨).