القدر، ثم ذكره وأعقبه بقوله عنه "وهذا -أيضاً- غريب"١ ومثل ذلك عبارة أبي شامة حيث قال: "وذكر أبو الحسن الماوردي في تفسيره"٢ ثم أورده. وهو قول مردود لأنه ليس بين الله وجبريل واسطة في تلقي القرآن الكريم.
يقول ابن العربي متعقباً هذا القول: "ومن جهلة المفسرين أنهم قالوا: إن السفرة ألقته إلى جبريل في عشرين ليلة وألقاه جبريل إلى محمد - عليهما السلام - في عشرين سنة وهذا باطل، ليس بين جبريل وبين الله واسطة، ولا بين جبريل ومحمد صلى الله عليهما واسطة". ٣
وقد نقل أبو شامة في المرشد الوجيز عن تفسير علي بن سهل النيسابوري عن جماعة من العلماء أن جبريل هو من أملاه على السفرة. قال: "قال جماعة من العلماء: تنزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى بيت يقال له بيت العزة، فحفظه جبريل عليه السلام، وغشى على أهل السماوات من هيبة كلام الله فمر بهم جبريل وقد أفاقوا فقالوا: ﴿مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ﴾ (سبأ: ٢٣) يعني القرآن وهو معنى قوله: ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ (سبأ: ٢٣) فأتى به جبريل إلى بيت العزة فأملاه جبريل على السفرة الكتبة. يعني الملائكة وهو قوله تعالى: ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ (عبس: ١٥-١٦) ٤.
وذهب إلى هذا المعنى من إملاء جبريل القرآن على السفرة علم الدين السخاوي في جمال القرآن في معرض حديثه عن حكمة إنزاله جملة فقال: ".. وزاد سبحانه في هذا المعنى بأن أمر جبريل عليه السلام بإملائه على السفرة

١ انظر فتح الباري لابن حجر (٩/٤-)، ونقل القسطلاني كلام ابن حجر في كتابه لطائف الإشارات (١/٢٢).
٢ المرشد الوجيز لأبي شامة (١٩).
٣ أحكام القرآن لابن العربي (٤/١٩٦١-) وانظر تفسير القرطبي (٢٠/١٣٠).
٤ المرشد الوجيز (٢٣)، وانظر تفسير القرطبي (٢٠/١٣٠).


الصفحة التالية
Icon