الترجيح:
الاتفاق حاصل والإجماع قائم على صفة نزول القرآن الكريم المباشر على الرسول ﷺ وأنه نزل منجماً مفرقاً من بعثته ﷺ إلى قرب وفاته ينزل أحياناً ابتداء بغير سبب وهو أكثر القرآن الكريم وأحياناً أخرى ينزل مرتبطاً بالأحداث والوقائع والأسباب.
وأما نزوله جملة فهو ظاهر القرآن في قوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ وقوله: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾ وقوله سبحانه: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ فهو أنزل في ليلة اسمها ليلة القدر، وصفتها أنها مباركة، وشهرها شهر رمضان. وهو صريح الأخبار الواردة عن ابن عباس، والتي لها حكم الرفع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.
وما دام أن النزول جملة لا يعارض صراحة النزول السابق، ولا يرتبط به من خلال تلك النصوص. بل هو نزول خاص، ووجود معين حيث القرآن الكريم كلام الله ومنزل من عند الله يتلقاه جبريل عليه السلام من الله بلا واسطة عند نزوله به على الرسول ﷺ مباشرة.
وإن كان قد نزل به إلى بيت العزة فذلك نزول خاص. وأحد وجودات القرآن الكريم المتعددة. حيث يوجد القرآن الكريم في اللوح المحفوظ. ١
وقال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ (الواقعة: ٧٧-٧٩) وقال سبحانه: ﴿وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ (الزخرف: ٤).

١ عدَّ الشيخ عبد العظيم الزرقاني هذا الوجود تنزلاً. وجعله التنزل الأول والصواب أنه وجود إذ لم يرد لفظ النزول مقترناً به فلا يصح أن يعد نزولاً أو تنزلاً. وانظر: المدخل لدراسة القرآن للشيخ محمد أبو شهبة (٤٧).


الصفحة التالية
Icon