ومنشأ هذا الاختلاف هو الخلاف في مدة إقامته ﷺ بمكة بعد البعثة فقيل: ثمان، وقيل عشر، وقيل ثلاث عشرة، وقيل خمس عشرة سنة. بناء على اختلاف الروايات في ذلك. فإذا أضيف إليها عشر سنين وهي مدة إقامته ﷺ بالمدينة بعد الهجرة المتفق عليها كما نص على ذلك ابن كثير حيث قال: "أما إقامته بالمدينة عشراً فهذا مما لا خلاف فيه.."١ فينتج عن ذلك الأقوال السابقة.
كما يعود هذا الاختلاف - أيضاً - إلى اختلاف الاعتبار الذي يبدأ منه حساب تلك المدة، هل هو من بداية الرؤيا الصادقة، أو من البعثة التي تلاها فتور في نزول الوحي، أو من الرسالة وتتابع الوحي بعد ذلك.
يضاف إلى ذلك التسامح والتساهل في تحديد الوقت، وجبر الكسور في حساب السنوات. اختصاراً وعادة يقول ابن كثير: "إن العرب كثيراً ما يحذفون الكسور من كلامهم" ٢ وكذلك الخلاف في عمره عليه الصلاة والسلام. حيث قيل إنه ستون سنة. وقيل ثلاث وستون، وقيل خمس وستون.
والمعتمد كما يقول ابن حجر أنه ﷺ عاش ثلاثاً وستين سنة وأن ما ورد مما يخالف ذلك فهو محمول إما على إلغاء الكسر في السنين أو جبر الكسر في الشهور. ٣ وأضاف ابن كثير معنى جديداً في الجمع وهو: اعتبار قرن جبريل بالرسول ﷺ في نزول الوحي حيث روي أنه قرن به عليه السلام ميكائيل في ابتداء الأمر. يلقي إليه الكلمة والشيء ثم قرن به جبريل. ٤
٢ فضائل القرآن لابن كثير (٣٦).
٣ انظر فتح الباري (٩/٤).
٤ فضائل القرآن الكريم لابن كثير (٣٦).