بالرؤيا الصادقة ومكث على ذلك إلى السابع عشر من رمضان وجملة ذلك ستة أشهر وخمسة أيام حين نزل عليه صدر سورة إقرأ. وآخر آية نزلت عليه من القرآن هي قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ﴾ الآية (البقرة: ٢٨١) ؟وقد روي أن ذلك قبل وفاة النبي ﷺ بتسعة أيام، وقيل بأحد عشر يوماً، وقيل بواحد وعشرين يوماً فلو أخذنا بالمتوسط تكون جملة المدة التي لم ينزل فيها القرآن ستة أشهر وستة عشر يوماً. وجملة عمر ﷺ ثلاث وستون عاماً، ومدة نبوته ثلاث وعشرون سنة فإذا أنقصنا منها ستة أشهر وستة عشر يوماً يكون الباقي اثنتين وعشرين سنة وخمسة أشهر وأربعة عشر يوماً.
ثم قال أبو شهبة بعد هذا معبراً عن فرحه به: والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. ثم انتقد حساب الخضري السابق بأنه بني على أن آخر آية نزلت هي قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ الآية (المائدة: ٣) "١
وما ذكره أبو شهبة - رحمه الله - من تحديد فيه نظر كذلك. إذ جعل يوم السابع عشر من رمضان بداية إنزال القرآن على الرسول ﷺ وقد تقدم أنه يوافق يوم الجمعة - على قول الخضري - وأنه بهذا يعارض ما ثبت في الصحيح.
وكذلك أنه بناه على الأخذ بأحد الأقوال في مدة بقاء الرسول ﷺ بعد آخر آية نزلت عليه دون دراسة ترجيحية له. فيبقى ملخص القول أن المدة نحواً من ثلاث وعشرين سنة تقريباً لا تحديداً.

١ المدخل لدراسة القرآن الكريم. (٥٥، ٥٦).


الصفحة التالية
Icon