وقد نزلت سورتا المعوذتين معاً بسبب سحر لبيد بن الأعصم اليهودي لرسول الله ﷺ فأنزل الله جل شأنه المعوذتين فقرأهما وتعوذ بهما فانحل السحر. ١
فتبين مما سبق أن القرآن نزل مفرقاً: الآية، والآيتان، والخمس، والعشر، وأقل وأكثر. كما نزل جزء الآية. ونزلت سورة كاملة، ونزلت سورتا المعوذتين معاً.
ولا شك أن هذه المتابعة الدقيقة من قبل العلماء لجزئيات نزول القرآن الكريم في وقته، وصفته، ومقداره، ويوم إنزاله، وشهره، وكون ذلك ليلاً ونهاراً، حضراً وسفراً؛ دليل عناية الأمة البالغة بالقرآن الكريم التي ميز الله بها كتابه فصارت من خصائصه التي تفرد بها، وجعلها الله وسيلة حفظ كتابه الذي تكفل به في قوله سبحانه: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (الحجر: ٩).
كما كان الرسول ﷺ يتلقى القرآن من جبريل فيحفظه ولا ينساه ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى﴾ فيبلغه أصحابه، ويحفِّظهم إياه، ويأمرهم بكتابته. فتوفر للقرآن الكريم بالغ العناية به، وكامل وسائل حفظه، والمحافظة عليه. وتلك نعمة ومنّة من الله تعالى على الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون، ولا يشكرون.