وقال له ما قاله ربه ولم تكن العبارة تلك العبارة، كما يقول الملك لمن يثق به: قل لفلان يقول لك الملك اجتهد في الخدمة واجمع جندك للقتال. فإن قال الرسول بقول الملك لا تتهاون في خدمته ولا تترك الجند تتفرق وحثهم على المقاتلة لا ينسب إلى كذب ولا تقصير في أداء الرسالة.
ب – قسم آخر قال الله لجبريل اقرأ على النبي هذا الكتاب فنزل جبريل بكلمة من الله من غير تغيير كما يكتب الملك كتابا ويسلمه إلى أمين ويقول له اقرأه على فلان فهو لا يغير منه كلمة ولا حرفاً.
قال السيوطي: القرآن هو القسم الثاني، والقسم الأول هو السنة، وقد ورد أن جبريل كان ينزل بالسنة كما ينزل بالقرآن قال: ولهذا جازت رواية السنة بالمعنى بخلاف القرآن الكريم فإنه نزل جبريل بألفاظه ومعانيه فلا تجوز روايته بالمعنى. والسر في ذلك أن القرآن يقصد التعبد بألفاظه وهو كذلك معجز فلا يمكن لأحد مَهْمَا أوتي من البلاغة والفصاحة أن يأتي بلفظ يقوم مقامه.
كما أن فيه تخفيفاً على الأمة حيث جعل المنزل إليهم على قسمين قسم يروونه بلفظه الموحي به وقسم يروونه بالمعنى، ولو جعل كله مما يروي باللفظ، لشق، أو بالمعنى لم يؤمن التبديل. قال صاحب المدخل١: "وكذلك ليس للنبي ﷺ في القرآن شيء إلاّ مجرَّد التبليغ فقط وهذا هو الحق الذي يجب على كل مسلم أن يعتقده ويؤمن به ".
قال: ولا يلتفت إلى ما زعمه بعض من يهرف بما لا يعرف، أو من يفتري ويختلق من أن جبريل أوحي إليه المعنى، وأنه عبّر بهذه الألفاظ الدالة على