وهكذا كانت آيات القرآن تنزل على رسول الله ﷺ تباعاً تسلية له بعد تسلية، وعزاء حتى لا يأخذ منه الحزن مَأخذه، ولا يجد اليأس إلى نفسه سبيلا.
٢ – من الحكم البارزة تيسير حفظ القرآن الكريم وفهمه على النبي ﷺ فقد كان النبي ﷺ حريصاً على ذلك غاية الحرص، حتى إنه كان يعاجل جبريل ولا ينتظره حتى يفرغ حتى أنزل الله ﴿وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾ (طه الآية ١١٤). وقال تعالى ﴿لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ (القيامة: ١٦-١٩).
هذا وإن القرآن الكريم نزل على أمة أمية لا تعرف الكتابة ولا القراءة وكانت ذاكرتها وحفظها هما السجلُّ لها، لا دراية لها بالكتابة حتى تكتب وتدون ثم تحفظ قال تعالى ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ (الجمعة: ٢). وقال تعالى ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ﴾ (الأعراف: ١٥٧).
فلو نزل القرآن جملة واحدة على هذه الأمة الأمية التي لا تعرف الكتابة ولا التدوين لم يصح لها أن تحفظ القرآن كله بيسر، وكان نزوله مفرقاً أكبر عون لها على حفظه في صدورها وفهمها لآياته.
كلما نزلت الآية فهمها الصحابة، وتدبروا معانيها، وقد كان هذا منهجاً لحفظ القرآن في عهد التابعين.
عن أبي نضرة قال: "كان أبو سعيد الخدري يعلمنا القرآن خمس آيات بالغداة وخمس آيات بالعشي، ونجد أن جبريل نزل بالقرآن خمس آيات خمس