السَّاعَةِ} (الأعراف: ١٨٧). وكقوله ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ﴾ (سورة الحج: ٤٧). وحيث عجبوا من نزول القرآن منجماً بين الله لهم الحق في ذلك، فإن تحديهم به مفرقاً مع عجزهم عن الإتيان بمثله أدخل في الإعجاز، وأبلغ في الحجة من أن ينزل جملة ويقال لهم جيئوا بمثله، ولهذا جاءت الآية عقب اعتراضهم ﴿لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ (الفرقان: ٣٢).
ويشير لهذه الحكمة ما جاء في بعض الروايات من حديث ابن عباس عن نزول القرآن فكان المشركون إذا أحدثوا شيئاً أحدث الله لهم جواباً، أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس١.
قال في المدخل٢ فنزوله منجماً مفرقاً من أقوى الأدلة على أنه معجز وأنه كلام الله، إذ لو أنزله الله جملة واحدة لكانت لهم حجة أن يقولوا شيء نزل علينا مرة واحدة، فلو نزل علينا مفرقا لعارضناه فقطع الله عليهم تلك الحجة فكأنه يقول لهم إن كنتم تقولون إنه ليس كلام الله، فأتوا بسورة مثله أو بعشر سور، أو آية، فسجل عليهم العجز الأبدي.
ومع نزوله مفرقاً على مدى بضع وعشرين سنة كان غاية في روعة الأسلوب ورصانة الألفاظ، لا تفاوت فيه، فكان بذلك معجزا.
من الحكم كذلك: الدلالة القاطعة على أن القرآن الكريم تنزيل من حكيم حميد.
٢ ١/٧٥، الإتقان في علوم القرآن ١/١١٦ وما بعدها البرهان في علوم القرآن، مباحث في علوم القرآن، وغير هذه الكتب التي تتعلق بعلوم القرآن مناهل العرفان في علوم القرآن ١/٥٣-٦٠.