الأنصار خاصم الزبير في شراج الحرة التي يسقون منها النخل فقال الأنصاري سرح الماء يمر، فأبى عليه فاختصما عند رسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ للزبير اسق يازبير ثم أرسل الماء إلى جارك، فغضب الأنصاري ثم قال يا رسول الله ﷺ أن كان ابن عمتك، فتلون وجه رسول الله ﷺ ثم قال للزبير يازبير احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر فقال الزبير والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك. ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ فاستوعى رسول الله ﷺ للزبير حقه، وكان رسول الله ﷺ قبل ذلك قد أشار على الزبير رأيا١.
هذا وقول الصحابة في سبب النزول محمول على الرفع كما نص على ذلك أئمة المصطلح لأنه قول فيما لا مجال للرأي فيه، وبعيد كل البعد أن يقول الصحابي ذلك مِن تلقاء نفسه فعدالته تمنعه من ذلك، فذلك محمول على السماع أو المشاهدة.
أما قول التابعي: في سبب النزول فله حكم الرفع إلا أنه مرسل، قد يقبل إذا صح السند إليه وكان من أئمة التفسير كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير.
واعلم أيها القارئ الكريم أن الصحابة كانوا علماء مجتهدين في معرفة سبب النزول ولذلك جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه كما في صحيح البخاري والله الذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله تعالى إلا وأنا أعلم فيمن نزلت، ولو كنت أعلم أحداً أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه٢.
٢ -البخاري رقم ٥٠٠٢ في كتاب فضائل القرآن مسلم برقم الفضائل.