السماء والأرض فأخذتني رجفة، فأتيت خديجة فقلت "دثروني" فأنزل الله ياأيها المدثر١.
وأجاب أهل القول الأول عن هذا بأجوبة أحسنها.
أن ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾ أول ما نزل بعد فترة الوحي، أما اقرأ فهي أول ما نزل على الإطلاق٢.
القول الثالث: أن أول ما نزل سورة الفاتحة وقد عزا هذا القول الزمخشري في كشافه٣ إلى أكثر المفسرين، ورد عليه الحافظ ابن حجر٤ بأن هذا القول لم يقل به إلا عدد أقل من القليل. من أدلة هذا القول: ما رواه البيهقي في دلائل النبوة والواحدي بسنده عن أبي ميسرة عمر بن شرحبيل أن رسول الله ﷺ قال لخديجة: إني إذا خلوت٥ وحدي سمعت نداء فقد والله خشيت أن يكون هذا أمرا فقالت: معاذ الله ما كان الله ليفعل بك فو الله إنك لتؤدي الأمانة وتصل الرحم، وتصدق الحديث، فلما دخل أبو بكر ذكرت خديجة حديثه له وقالت: اذهب مع محمّد إلى ورقة بن نوفل فانطلقا فقصا عليه فقال: إذا خلوت وحدي سمعت نداء من خلفي يا محمد يا محمد فانطلق هاربا في الأفق فقال لا تفعل إذا أتاك فاثبت حتى تسمع ما يقول، ثم ائتني فأخبرني فلما خلا ناداه يا محمد قل بسم الله الرحمن الرحيم ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ إلى

١ البخاري ١/٣ ومسلم ١٢/٩٩.
٢ الاتقان ١/٦٨، المدخل ١/١٠٤.
٣ مستدرك الحاكم ٢/٢٤٠ رقم ٢٨٧٣.
٤ فتح الباري ٨/٥٥٠-٥٥١.
٥ القرطبي ١/١١٥، وعزاه للبيهقي في الدلائل.


الصفحة التالية
Icon