وتعريفهم عناية الله بهم ورحمته لهم ١، ثم إن وضعه في مكان يسمى بيت العزة يدل على إعزازه وتكريمه.
ولولا أن الحكمة الإلهية اقتضت وصوله إليهم منجماً بحسب الوقائع لهبط به إلى الأرض جملة كسائر الكتب المنزلة قبله، ولكن الله باين بينه وبينها فجعل له الأمرين.
ثانياً: تفضيل القرآن الكريم على غيره من الكتب السماوية السابقة وذلك بإنزاله مرتين، مرة جملة ومرة مفرقاً بخلاف الكتب السماوية السابقة فقد كانت تنزل جملةً مرة واحدة، وبذلك شارك القرآن الكتب السماوية في الأولى وانفرد في الفضل عليها بالثانية، وهذا يعود بالتفضيل لنبينا محمد ﷺ على سائر الأنبياء السابقين ٢.
ثانياً: نزوله مفرقاً على النبي صلى الله عليه وسلم: دل القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة أن القرآن الكريم كان ينزل على النبي ﷺ مفرقاً إلى أجزاء كل جزء منها يسمى نجماً، فقد صح أن الآيات العشر المتضمنة لقصة الإفك نزلت جملة، وأن عشر آيات من أول سورة المؤمنين نزلت جملة، وورد أيضاً أنه نزل قوله تعالى: ﴿وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ (الضحى: ١-٢) إلى قوله: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ (الضحى: ٥) ثم نزل

١ انظر البرهان ١/٢٣٠، ٢٣١، الإتقان ١/١١٩ نقلاً عن أبي شامة في المرشد العزيز، البيان في مباحث من علوم القرآن ص٥٢، ٥٣، مناهل العرفان ١/٤٦، ٤٧، المدخل لدراسة القرآن الكريم ٥٢، ٥٣.
٢ انظر المراجع السابقة.


الصفحة التالية
Icon