* تسليته ﷺ بكثرة نزول الوحي عليه حتى لا يجد اليأس إلى نفسه سبيلاً، ومما لا شك فيه أن كثرة نزول الوحي أقوى بالقلب وأشد عناية بالمرسل إليه، فيحصل للنبي ﷺ الأُنْس والارتباط بالله تعالى يقول الإمام أبو شامة١ (فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى بالقلب، وأشد عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملك إليه وتجدد العهد به وبما معه من الرسالة الواردة من ذلك الجناب العزيز، فيحدث له من السرور ما تقصر عنه العبارة، ولهذا كان أجود ما يكون في رمضان لكثرة لقائه جبريل) ٢.
ومنها تسليته ﷺ ببيان ما يثبت قلبه على الحق ويشحذ عزمه للمضي قدماً في طريق دعوته لا يبالي بظلمات الجهالة التي يواجهها من قومه، فما حصل للنبي محمد ﷺ قد حصل للأنبياء السابقين ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً﴾ (الكهف: ٦)، ﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا﴾ (الأنعام: ٣٣-٣٤)، وكلما اشتد أذى المشركين للرسول ﷺ نزلت الآيات لطمأنة الرسول ﷺ وتسليته، وتهديد المشركين والمكذبين بأن الله يعلم أحوالهم وسيجازيهم على ذلك أشد الجزاء {فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا
٢ انظر البرهان ١/٢٣١، الإتقان ١/١٢١.