فأظهر المصطفى عليه الصلاة والسلام امتثاله الكبير وحبه الشديد لكتاب الله تعالى وقام وجهر ووقف مواقف حكيمة، فكان لا يطيب له نوم ولا يرتاح له بال حتى يرى الناس قد استجابوا لدعوة الله ودخلوا في دين الله أفواجاً.
وعناية الرسول ﷺ العناية العملية لا تقتصر على الدعوة بل التطبيق العملي لما جاء في القرآن الكريم شامل لجميع الأمور ففي مجال العبادة كان عليه الصلاة والسلام منفذاً للفرائض آخذاً بالنوافل مطبقاً لتعاليم القرآن وما جاء من الله تعالى ﴿يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً نصفه أو انقص منه قليلاً أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً﴾ (المزمل: ١-٦)، وقوله تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً﴾ (الإسراء: ٧٩)، فامتثل الرسول ﷺ لأمر ربه بل وصل إلى أعلى مراتب العبادة، وكان يصلي من الليل حتى تتفطر قدماه، ولما قيل له: أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: "أفلا أكون عبداً شكوراً" ١.
وفي مجال الأخلاق كان خلقه القرآن فقد سئلت أم المؤمنين عائشة عن خلق رسول الله ﷺ فقال لها السائل: أَنْبِئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ " أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قُلْتُ بَلَى قَالَتْ فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الْقُرْآنَ قَالَ فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُومَ وَلَا أَسْأَلَ أَحَدًا عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أَمُوتَ ثُمَّ بَدَا لِي فَقُلْتُ أَنْبِئِينِي عَنْ قِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ أَلَسْتَ تَقْرَأُ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُلْتُ بَلَى قَالَتْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ