اللَّهُ ثَالِثُهُمَا (١) حين ما قال أبو بكر رَضِي اللَّه عَنْه: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَارِ فَرَأَيْتُ آثَارَ الْمُشْرِكِينَ فقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ رَفَعَ قَدَمَهُ لرآنا، فرد النبي ﷺ بكلمة تدل على ثقته بالله ونصره، وقد قص القرآن ذلك فقال: ﴿إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ (التوبة: ٤٠).
وفي غزوة ذات الرقاع لم يعصمه من ضربة السيف إلا عظيم توكله على الله تعالى فعَنْ جَابِرٍ قَالَ أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِذَاتِ الرِّقَاعِ قَالَ كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَسَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَلَّقٌ بِشَجَرَةٍ فَأَخَذَ سَيْفَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاخْتَرَطَهُ٢ فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَخَافُنِي قَالَ لَا قَالَ فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي قَالَ اللَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْكَ ٣.
فهذا هو التوكل على الله تعالى حق التوكل، رسول الله ﷺ يستظل تحت شجرة، ورجل غادر يريد أن يفتك برأس رسول الله صلى الله

١ أخرجه البخاري في التفسير، تفسير سورة براءة، باب قوله تعالى (ثاني اثنين إذ هما في الغار (ص ٩٧٠ ٤٦٦٣، وأخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه ٤/١٤٧٨، ٢٣٨١.
٢ اخترط السيف: سله من غمده، النهاية في غريب الحديث ٢/٢٣.
٣ أخرجه البخاري في المغازي، باب غزوة الرقاع ص ٨٥١ ٤١٣٦، وأخرجه مسلم في المسافرين باب صلاة الخوف ١/٤٨١ ٨٤٣.


الصفحة التالية
Icon