وبنظرة عامة للآثار السابقة يتضح لنا أن للقرآن الكريم نزولين، وهذا يدل على أن القرآن نزل في رمضان وفي غيره، وعلى أن القرآن الكريم نزل جملةً واحدة ونزل مفرقاً، وأن المراد بنزوله في ليلة واحدة في شهر رمضان هو نزوله جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا كما جاءت بذلك الآثار السابقة التي ذكرناها، وأن المراد بنزوله مفرقاً هو نزوله من بيت العزة من السماء الدنيا على المصطفى ﷺ حسب الوقائع والحوادث وغير ذلك، وإليكم مذاهب العلماء في كيفية إنزاله من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة ثم نزوله من بيت العِزة
على المصطفى عليه الصلاة والسلام١:-
المذهب الأول:-
مذهب جمهور العلماء وهو قول ابن عباس أن القرآن الكريم نزل جملةً واحدة إلى بيت العزة من السماء الدنيا، ثم نزل بعد ذلك منجماً على نبينا محمد ﷺ في عشرين سنة، أو ثلاث وعشرين، أو خمس وعشرين، على حسب الخلاف في مدة إقامته ﷺ بمكة بعد البعثة، وهذا هو المذهب الذي دلت عليه الأخبار الصحيحة وعليه جمهور العلماء، ورجحه ابن حجر حيث قال في شرح البخاري: وهو الصحيح المعتمد ٢، وهو القول الذي ينبغي أن نصير إليه جمعاً بين الأدلة الموجودة في

١ انظر التذكار في أفضل الأذكار ٢٤، ٢٥.
٢ الإتقان ١/١١٧، ١١٨، البرهان في علوم القرآن ١/٢٢٨، وانظر كلام ابن حجر في فتح الباري، كتاب فضائل القرآن باب كيف نزل الوحي وأول ما نزل ٩/٤.


الصفحة التالية
Icon