ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (٥٨)
﴿ذلك﴾ إشارة إلى ما سبق من نبأ عيسى وغيره وهومبتدأ ﴿نَتْلُوهُ عَلَيْكَ﴾ خبره ﴿مِنَ الأيات﴾ خبر بعد خبر أو خبر مبتدأ محذوف ﴿والذكر الحكيم﴾ القرآن يعني المحكم أو كأنه ينطق بالحكمة لكثرة حكمه نزل لما قال وفد بني نجران هل رأيت ولداً بلا أب
إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩)
﴿إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم﴾ أي إن شأن عيسى وحاله الغريبة كشأن آدم عليه السلام ﴿خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ﴾ قدره جسداً من طين وهي جملة مفسرة لحالة شبه عيسى بآدم ولا موضع لها أي خلق آدم من تراب ولم يكن ثمة أب ولا أم فكذلك حال عيسى مع أن الوجود من غير أب وأم أغرب وأخرق للعادة من الوجود من غير أب فشبه الغريب بالأغراب ليكون أقطع للخصم وأحسم لمادة شبهته إذا نظر فيما هو أغرب مما استعر به وعن بعض العلماء أنه أسر بالروم فقال لهم لم تعبدون عيسى قالوا لأنه لا أب له قال فآدم أولى لأنه لا أبوين له قالوا كان يحيي الموتى قال فحزقيل أولى لأن عيسى أحيا أربعة نفر وحزقيل ثمانية آلاف فقالوا كان يبرئ الأكمه والأبرص قال فجرجيس أولى لأنه طبخ وأحرق ثم قام سالماً ﴿ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن﴾ أي أنشأه بشراً ﴿فَيَكُونُ﴾ أي فكان وهو حكاية حال ماضية وثم لترتيب الخبر على الخبر لا لترتيب المخبر عنه
الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٦٠)
﴿الحق من ربك﴾ خبر مبتدأ مخذوف أي هو الحق ﴿فَلاَ تَكُن﴾ أيها السامع ﴿مِنَ الممترين﴾ الشاكين ويحتمل أن يكون الخطاب للنبى ﷺ ويكون من باب التهييج لزيادة الثبات لأنه عليه السلام معصوم من الامتراء
فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (٦١)
﴿فَمَنْ حَاجَّكَ﴾ من النصارى ﴿فِيهِ﴾ في عيسى ﴿مّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ العلم﴾ من البينات الموجبة للعلم وما بمعنى الذى ﴿فقل تعالوا﴾ هلموا والمراد المجئ بالعزم والرأى كما تقول تعال لنفكر في هذه المسألة