من ضمير المخاطبين وقيل تمسكوا بإجماع الأمة دليله ﴿وَلاَ تَفَرَّقُواْ﴾ أي ولا تتفرقوا يعني ولا تفعلوا ما يكون عنه التفرق ويزول معه الاجتماع أو ولا تتفرقوا عن الحق بوقوع الاختلاف بينكم كما اختلف اليهود والنصارى أو كما كنتم متفرقين في الجاهلية يحارب بعضكم بعضا ﴿واذكروا نعمة الله عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُم أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً﴾ كانوا في الجاهلية بينهم العداوة والحرب فألف بين قلوبهم بالإسلام وقذف في قلوبهم المحبة فتحابوا وصاروا إخواناً ﴿وَكُنتُمْ على شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النار﴾ وكنتم مشفين على أن تقعوا في نار جهنم لما كنتم عليه من الكفر ﴿فَأَنقَذَكُمْ مِّنْهَا﴾ بالإسلام وهو رد على المعتزلة فعندهم هم الذين ينقذون أنفسهم لا الله تعالى والضمير للحفرة أو للنار أو للشفا وأنث لإضافته إلى الحفرة وشفا الحفرة حرفها ولامها واو فلهذا يثنى شفوان ﴿كذلك﴾ مثل ذلك البيان البليغ ﴿يُبَيّنُ الله لَكُمْ آياته﴾ أي القرآن الذي فيه أمر ونهي ووعد ووعيد ﴿لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ لتكونوا على رجاء الهداية أو لتهتدوا به إلى الصواب وما ينال به الثواب
وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٤)
﴿وَلْتَكُن مّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخير وَيَأْمُرُونَ بالمعروف﴾ بما استحسنه الشرع والعقل ﴿وَيَنْهَوْنَ عَنِ المنكر﴾ عما استقبحه الشرع والعقل أو المعروف ما وافق الكتاب والسنة والمنكر ما خالفهما أو المعروف الطاعة والمنكر المعاصي والدعاء إلى الخير عام في التكاليف من الأفعال والتروك وما عطف
آل عمران (١٠٤ _ ١٠٩)
عليه خاص ومن للتبعيض لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الكفاية ولأنه لا يصلح له إلا من علم بالمعروف والمنكر وعلم كيف يرتب الأمر في إقامته فإنه يبدأ بالسهل فإن لم ينفع ترقى إلى الصعب قال الله تعالى فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا ثم قال فقاتلوا أو للتبيين أي وكونوا أمة تأمرون كقوله تعالى {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ


الصفحة التالية
Icon