لأن المراد في إيلاء الريب حرف النفي نفي الريب عنه وإثبات أنه حق لا باطل كما يزعم الكفار ولو أولى الظرف لقصد إلى ما يعد عن المراد وهو أن كتاباً آخر فيه ريب لافيه كما قصد في قوله تعالى لاَ فِيهَا غول ففيه تفضيل خمر الجنة على خمور الدنيا بأنها لا تغتال العقول كما تغتالها هي والوقف على فيه هو المشهور وعن نافع وعاصم أنهما وقفاً على ريب ولا بد للواقف من أن ينوي خبراً والتقدير لا ريب فيه ﴿فِيهِ هُدًى﴾ فيه بإشباع كل هاء مكى ووافقه حفص فى فيه مهانا وهو الأصل كقولك مررت به ومن عنده وفي داره وكما لا يقال في داره ومن عنده وجب أن لا يقال فيه وقال سيبويه ما قاله مؤد إلى الجمع بين ثلاثة أحرف سواكن الياء قبل الهاء والهاء إذاً الهاء
المتحركة في كلامهم بمنزلة الساكنة لأن الهاء خفية والخفي قريب من الساكن والياء بعدها والهدى مصدر على فعل كالبكا وهو الدلالة الموصلة إلى البغية بدليل وقوع الضلالة فى مقابلة في قوله أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى وإنما قيل هدى ﴿لّلْمُتَّقِينَ﴾ والمتقون مهتدون لأنه كقولك للعزيز المكرم أعزك الله وأكرمك تريد طلب الزيادة على ما هو ثابت فيه واستدامته كقوله اهدنا الصراط المستقيم ولأنه سماهم عند مشارفتهم لا كتساء لباس التقوى متقين كقوله عليه السلام
الذين (٣)
من قتل قتيلاً فله سلبه وقول ابن عباس رضى الله عنهما إذا أراد أحدكم الحج فليعجل فإنه يمرض المريض فسمى المشارف للقتل والمرض قتيلاً ومريضاً ولم يقل هدى للضالين لأنهم فريقان فريق علم بقاءهم على الضلالة وفريق علم أن مصيرهم إلى الهدى وهو هدى لهؤلاء فحسب فلو جئ بالعبارة المفصحة عن ذلك لقيل هدى للصائرين إلى الهدى بعد الضلال فاختصر الكلام بإجرائه على الطريقة التي ذكرنا فقيل هدى للمتقين مع أن فيه تصديراً للسورة التي هي أولى