رُوي أنه أول قتيل قتل على وجه الأرض من بني آدم ولما قتله تركه بالعراء لا يدري ما يصنع به فخاف عليه السباع فحمله في جراب على ظهره سنة حتى أروح وعكفت عليه السباع فبعث الله غرابين فاقتتلا فقتل أحدهما الآخر فحفر له بمنقاره ورجليه ثم ألقاه فى الحفرة فحينئذ ﴿قال يا ويلتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذا الغراب فَأُوَارِيَ﴾ عطف على اكون ﴿سوأة أَخِى فَأَصْبَحَ مِنَ النادمين﴾ على قتله لما تعب فيه من حمله وتحيره في أمره ولم يندم ندم التائبين أو كان الندم توبة لنا خاصة أو على حمله لا على قتله ورُوي أنه لما قتله أسود جسده وكان أبيض فسأله آدم عن أخيه فقال ما كنت عليه وكيلاً فقال بل قتلته ولذا اسود جسدك فالسودان من ولده وما رُوي أن آدم رثاه بشعر فلا يصح لأن الأنبياء عليهم السلام معصمومون من الشعر
مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (٣٢)
﴿مِنْ أَجْلِ ذلك﴾ بسبب ذلك وبعلته وذلك إشارة إلى القتل المذكور قيل هو متصل بالآية الأولى فيوقف على ذلك أي فأصبح من النادمين لأجل حمله ولأجل قتله وقيل هو مستأنف والوقف على النادمين ومن يتعلق بكتبنا لا بالنادمين ﴿كتبنا على بني إسرائيل﴾ خصهم بالذكر وإن اشترك الكل في ذلك لأن التوراة أول كتاب فيه الأحكام ﴿أَنَّهُ من قتل نفسا﴾ الضمير للشأن ومن شرطية ﴿بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾ بغير قتل نفس ﴿أَوْ فَسَادٍ فِى الأرض﴾ عطف على نفس أي بغير فساد في الأرض وهو الشرك أو قطع الطريق أو كل فساد يوجب القتل ﴿فَكَأَنَّمَا قَتَلَ الناس جَمِيعاً﴾ أي في الذنب عن الحسن لأن قاتل النفس جزاؤه جهنم وغضب الله عليه والعذاب العظيم ولو قتل الناس جميعاً لم يزد على ذلك ﴿ومن أحياها﴾ ومن استنفذها من أسباب الهلكة من قتل أو غرق أو حرق أو هدم أو غير ذلك ﴿فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً﴾ جعل قتل