عليهم انذارك وعدمه والجملة خبر لإن وإنما جاز الإخبار عن الفعل مع أنه خبر أبداً لأنه من جنس الكلام المهجور فيه جانب اللفظ إلى جانب المعنى والهمزة وأم مجردتان لمعنى الاستواء وقد انسلخ عنهما معنى الاستفهام رأساً قال سيبويه جرى هذا على حرف الاستفهام كما جرى على حرف النداء في قولك اللهم اغفر لنا أيتها العصابة يعني أن هذا جرى على صورة الاستفهام ولا استفهام كما جرى ذلك على صورة النداء ولا نداء والإنذار التخويف من عقاب الله بالزجر عن المعاصي ﴿لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ جملة مؤكدة للجملة قبلها أو خبر لإن والجملة قبلها اعتراض أو خبر بعد خبر والحكمة في الإنذار مع العلم بالإصرار إقامة الحجة وليكون الإرسال عاماً وليثاب الرسول
خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٧)
﴿خَتَمَ الله على قُلُوبِهِمْ﴾ قال الزجاج الختم التغطية لأن فى الاستيثاق من الشئ بضرب الخاتم عليه تغطية له لئلا يطلع عليه وقال ابن عباس طبع الله على قلوبهم فلا يعقلون الخير يعني أن الله طبع عليها فجعلها بحيث لا يخرج منها ما فيها من الكفر ولا يدخلها ما ليس فيها من الإيمان وحاصل الختم والطبع خلق الظلمة والضيق في صدر العبد عندنا فلا يؤمن مادامت تلك الظلمة في قلبه وعند المعتزلة أعلام محض على القلوب بما يظهر للملائكة أنهم كفار فيلعنونهم ولا يدعون لهم بخير وقال بعضهم إن إسناد الختم إلى الله تعالى مجاز والخاتم في الحقيقة الكافر إلا أنه تعالى لما كان هو الذى أفدره ومكنه أسند إليه الختم كما يسند الفعل إلى السبب فيقال بنى الأمير المدينة لأن للفعل ملابسات شتى يلابس الفاعل والمفعول به والمصدر والزمان والمكان والمسبب له فإسناده إلى الفاعل حقيقة وقد يسند إلى هذه الأشياء مجازا لمضاهاتا الفاعل في ملابسة الفعل كما يضاهي الرجل الأسد في جرأته فيستعار له إسمه وهذا فرع مسألة خلق الأفعال ﴿وعلى سَمْعِهِمْ﴾ وحد السمع كما وحد البطن فى قوله
البقرة (٧ _ ٨)
كلوا في بعض بطنكم تعفوا
لأمن اللبس ولأن السمع مصدر فى أصله يقال سمعت الشئ سمعاً وسماعاً والمصدر