ولا تنحرف عما جاءك من الحق متبعاً أهواءهم أو التقدير عادلاً عما جاءك ﴿لِكُلّ جَعَلْنَا مِنكُمْ﴾ أيها الناس ﴿شِرْعَةً﴾ شريعة ﴿ومنهاجا﴾ وطريقاً واضحاً واستدل به من قال إن شريعة من قبلنا لا تلزمنا ذكر الله إنزال التوراة على موسى عليه السلام إنزال الإنجيل على عيسى عليه السلام ثم إنزال القرآن على محمد ﷺ وبين أنه ليس للسماع فحسب بل للحكم به فقال فى الأول يحكم بها النبيون وفي الثاني وليحكم أهل الإنجيل وفي الثالث فاحكم بينهم بما أنزل الله ﴿وَلَوْ شَاء الله لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحدة﴾ جماعة متفقة على شريعة واحدة ﴿ولكن﴾ أراد ﴿لِيَبْلُوَكُمْ﴾ ليعاملكم معاملة المختبر ﴿في ما آتاكم﴾ من الشرائع المختلفة فتعبّد كل أمة بما اقتضته الحكمة ﴿فاستبقوا الخيرات﴾ فابتدروها وسابقوا نحوها قبل الفوات بالوفاة والمراد بالخيرات كل ما أمر الله تعالى به ﴿إلى الله مَرْجِعُكُمْ﴾ استئناف فى معنى التعليل لاستباق اليخارت ﴿جَمِيعاً﴾ حال من الضمير المجرور والعامل المصدر المضاف لأنه في تقدير إليه ترجعون ﴿فَيُنَبّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ فيخبركم بما لا تشكون معه من الجزاء الفاصل بين محقكم ومبطلكم وعاملكم ومفرطكم في العمل
وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (٤٩)
﴿وَأَنِ احكم﴾ معطوف على بالحق أي وأنزلنا إليك الكتاب بالحق وبأن احكم ﴿بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ الله وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ واحذرهم أَن يفتنوك﴾ أى يصرفوك وهو مفعلول له أي مخافة أن يفتنوك وإنما حذره وهو رسول مأمون لقطع أطماع القوم ﴿عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ الله إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ﴾ عن الحكم بما أنزل الله اليكم وأرادوا غيره ﴿فاعلم أَنَّمَا يُرِيدُ الله أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ﴾ أي بذنب التولي عن حكم الله وإرادة خلافه فوضع ببعض ذنوبهم موضع ذلك وهذا الإبهام لتعظيم التولي وفيه تعظيم الذنوب فإن الذنوب بعضها مهلك