والتقدير وما هم بمؤمنين في حال خداعهم لا يقف والوجه الأول ﴿والذين آمنوا﴾ أي يخادعون رسول الله والمؤمنين بإظهار الإيمان وإضمار الكفر ﴿وَمَا يَخْدَعُونَ إلاَّ أَنفُسَهُمْ﴾ أي وما يعاملون تلك المعالمة المشبهة بمعالمة المخادعين إلا أنفسهم لأن ضررها يلحقهم وحاصل خداعهم وهو العذاب في الآخرة يرجع إليهم فكأنهم خدعوا أنفسهم وما يخادعون أبو عمرو ونافع ومكي للمطابقة وعذر الأولين أن خدع وخادع هنا بمعنى واحد والنفس ذات الشئ وحقيقته ثم قيل للقلب والروح النفس لأن النفس بهما وللدم نفس لأن قوامها بالدم وللماء نفس لفرط حاجتها إليه والمراد بالأنفس ههنا ذواتهم والمعنى بمخادعتهم ذواتهم أن الخداع لاصق بهم لا يعودهم إلى غيرهم ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ أن حاصل خداعهم يرجع إليهم والشعور علم الشئ علم حس من الشعار وهو ثوب يلي الجسد ومشاعر الإنسان حواسه لأنها آلات الشعور والمعنى أن لحوق ضرر ذلك بهم كالمحسوس وهم لتمادي غفلتهم كالذي لا حس له
فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (١٠)
﴿فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ﴾ أي شك ونفاق لأن الشك تردد بين الأمرين والمنافق متردد في الحديث مثل المنافق كمثل الشاة العاثرة بين الغنمين والمريض متردد بين الحياة والموت ولأن المرض ضد الصحة والفساد يقابل الصحة فصار المرض اسماً لكل فساد والشك والنفاق فساد في القلب ﴿فَزَادَهُمُ الله مَرَضًا﴾ أي ضعفاً عن الانتصار وعجزاً عن الاقتدار وقيل المراد به خلق النفاق في حالة البقاء بخلق أمثاله كما عرف في زيادة الإيمان ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ فعيل بمعنى مفعل أي مؤلم ﴿بِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ﴾ كوفي أي بكذبهم في قولهم آمنا بالله وباليوم الآخر فما مع الفعل بمعنى


الصفحة التالية
Icon