والاعتبار ﴿إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ﴾ تاركين للنظر لا يلتفتون إليه لقلة خوفهم وتدبرهم فى العواقب
فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٥)
﴿فَقَدْ كَذَّبُواْ﴾ مردود على كلام محذوف كأنه قيل أن كانوا معرضين عن الآيات فقد كذبوا ﴿بالحق لَمَّا جَاءَهُمْ﴾ أي بما هو اعظم آية وأكبرها هو القرآن الذي تُحدوا به فعجزوا عنه ﴿فَسَوْفَ يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزؤون﴾ أى أنباء الشئ الذي كانوا به يستهزءون وهو القرآن أي أخباره وأحواله يعنى سيعلمون بأى شيء استهزءوا وذلك عند إرسال العذاب عليهم في الدنيا أو يوم القيامة أو عند ظهور الإسلام وعلو كلمته
أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (٦)
﴿أَلَمْ يَرَوْاْ﴾ يعني المكذبين ﴿كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مّن قَرْنٍ﴾ هو مدة انقضاء أهل كل عصر وهو ثمانون سنة أو سبعون ﴿مكناهم﴾ فى موضع جر صفة لقرن وجمع على المعنى ﴿فِي الأرض ما لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ﴾ التمكين في البلاد إعطاء المكنة والمعنى لم نعط أهل مكة نحو ما أعطينا عادا وثمود وغيرهم من البسطة
الأنعام (٦ _ ١٠)
في الأجسام والسعة في الأموال والاستظهار بأسباب الدنيا ﴿وَأَرْسَلْنَا السماء﴾ المطر ﴿عَلَيْهِم مِّدْرَاراً﴾ كثيراً وهو حال من السماء ﴿وَجَعَلْنَا الأنهار تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ﴾ من تحت أشجارهم والمعنى عاشوا في الخصب بين الأنهار والثمار وسقيا الغيث المدرار ﴿فأهلكناهم بِذُنُوبِهِمْ﴾ ولم يغن ذلك عنهم شيئا ﴿وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين﴾ بدلا منهم
وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧)
﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كتابا﴾ مكتوباً ﴿فِي قِرْطَاسٍ﴾ في ورق ﴿فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ﴾ هو للتأكيد لئلا يقولوا سكرت أبصارنا ومن المحتج عليهم العمى ﴿لَقَالَ الذين كَفَرُواْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾ تعنتاً وعناداً للحق بعد ظهوره