بين فانظروا وبين ثُمَّ انظروا إن النظر جعل مسبباً عن السير في فانظروا فكأنه قيل سيروا لأجل النظر ولا تسيروا سير الغافلين ومعنى سِيرُواْ فِي الأرض ثُمَّ انظروا إباحة السير في الأرض للتجارة وغيرها وإيجاب النظر في آثار الهالكين ونبه على ذلك بثم لتباعد ما بين الواجب والمباح
قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (١٢)
﴿قُل لِّمَن مَّا فِي السماوات والأرض﴾ من استفهام وما بمعنى الذى فى موضع الرفع على الابتداء ولمن خبره ﴿قل لله﴾ تقدير لهم أى هو لله لاخلاف بيني وبينكم ولا تقدرون أن تضيفوا منه شيئاً إلى غيره ﴿كَتَبَ على نَفْسِهِ الرحمة﴾ أصل كتب أوجب ولكن لا يجوز الإجراء على ظاهره إذ لا يجب على الله شيء للعبد فالمراد به أنه وعد ذلك وعداً مؤكداً وهو منجزه لا محالة وذكر النفس للاختصاص ورفع الوسائط ثم أو عدهم على إغفالهم النظر وإشراكهم به من لا يقدر على خلق شيء بقوله ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ إلى يَوْمِ القيامة﴾ فيجازيكم على إشراككم ﴿لاَ رَيْبَ فِيهِ﴾ في اليوم أو في الجمع ﴿الذين خَسِرُواْ أَنفُسَهُم﴾ نصب على الذم أي أريد الذين خسروا أنفسهم باختيارهم الكفر ﴿فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ وقال الأخفش الذين بدل من كم فى ليجمعنكم أى ليجمعن من هؤلاء المشركين الذين خسروا أنفسهم والوجه هو الأول لأن سيبويه قال لا يجوز مررت بي المسكين ولا بك المسكين فتجعل المسكين بدلاً من الياء أو الكاف لأنهما في غاية الوضوح فلا يحتاجان إلى البدل والتفسير
وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣)
﴿وَلَهُ﴾ عطف على لِلَّهِ ﴿مَا سَكَنَ فِي الليل والنهار﴾ من السكنى حتى يتناول الساكن والمتحرك أو من السكون ومعناه ماسكن وتحرك فيهما فاكتفى بأحد الضدين عن الآخر كقوله تقيكم الحر أي الحر والبرد وذكر السكون لأنه أكثر من الحركة وهو احتجاج على المشركين لأنهم لم ينكروا أنه خالق الكل ومدبره ﴿وَهُوَ السميع العليم﴾ يسمع